البومة

البومة

Anxiety : صفحة من يوميات مريض قلق


تحاصرني المشاكل في العمل، مشاكل ليس لي يد فيها، ولا تمسني – أو تمسني- بشكل مباشر. أشعر بأنني موشكة علي فقدان عقلي المفقود أصلاً ولا استطيع فعل شئ تجاه هذه المشكلات التي تحاصرني، جنباً إلي جنب مع الأشخاص مثيري هذه المشكلات. اللعبة المضمونة التي تستطيع ممارستها هي لعبة الصمود: كل شئ سيكون علي ما يرام، فقط هي مسألة وقت.
ثم أشعر بالقلق...
في الليل، أحاول النوم، وأحاول الإبتعاد عن المنومات التي تنتهي بنهاية أسوأ من البداية. غالباً كتب الله علينا الإختيار ما بين الأرق المزمن أو النوم الصناعي الملئ بالكوابيس.
النهاية واحدة، عينان منتفختان قبيحتان، روح دامية تحاول التظاهر بأن كل شئ علي ما يرام، ويوم أخر يمر في المقاومة..
ثم أشعر بالقلق...
اليوم التالي: المزيد من المشاكل، والإلتزامات، ثم السيدة البائسة العجوز المريضة للغاية، والتي أحاول اقناعها بإجراء كشف علي القلب مقابل تدبر أمر العلاج عن طريق أصدقاء لي يعملون بصيدليات أو شركات أدوية، ثم ذلك الطفل الصغير بائع المناديل، صديقي، الذي يتصل بي ليسألني عن اختفائي الدائم – هذا فعل الأصدقاء، يطمئنون علي بعضهم أحياناً- فلا استطيع زيارة العجوز، ولا أقدر علي الرد علي صديقي الصغير، فقد أجهدتني المشاكل، والإضطرابات، ومحاولات التظاهر بأنني علي ما يرام..
ثم أشعر بالقلق...
تعصف بي مشاكل العمل المتداخلة مع مشاكل الأصدقاء، أضطر دائماً للظهور بمظهر السيدة القوية، لأنه لا أحد يتقبل مشاكلك، الجميع لديهم ما يكفيهم ويزيد، أو الجميع يقلقون، وأنت لا تريد من يشعر بالقلق لأن قلقك يكفي. توقفوا عن القلق أرجوكم فلدي منه ما يكفي، لا أريد لقلقي أن يزيد، فقد أريد لماكينة القلق أن تتوقف قليلاً.
بنهاية اليوم، أشعر بالقلق....
أكافح وأكافح كي ابدو أمام أسرتي بشكل جيد. منذ فترة طويلة وأنا – بحكم عملي- أعيش بعيداً عنهم، وكل ما يربطني بهم هو المكالمات التليفونية اليومية، ونصائح أمي وأبي لي. المشكلة هي أن الأسرة هم أكثر من يشعرون بالقلق، وبحكم علاقتي بأمي وأبي لا أستطيع تجاهل قلقهم المشروع عليً. أسرتي لا تدري بحقيقة الإضطرابات التي أعاني منها، أو لا يعرفون كيف يبدو الأمر، أو يعرفون ثم يقلقون! لماذا تعانين القلق، هل بسبب الوحدة أم بسبب نمط حياتك أم يوجد شئ تحاولين اخفاؤه عنا! تباً لهم من فارقوك بعد أن أخدوا منكِ الحب والطاقة والعمر، أم هي الوحدة؟ أم..أم... ارجوكم، توقفوا عن القلق قليلاً، فلدي منه ما يكفي.
مرة أخري، أشعر بالقلق...

أفشل في محاربتي للأرق ملازم القلق، أضطر لإبتلاع نصف حبة من المنوم الذي ابقيه للطوارئ. النوم الصناعي أكثر بشاعة من الأرق والقلق معاً. اخلد للنوم مبكراً، أصحو متأخرة عن موعد الباص اليومي، أضطر لإلغاء حجز الباص، ثم أحاول الأستيقاظ فقط لأجد نفسي في حال سئ للغاية! اسعل حتي اتقيأ، وهي علامة مميزة للقلق الشديد، استمر في السعال والتقيؤ ثم السعال والتقيؤ. اخلد للنوم مرة أخري بعد أن ابلغ رؤسائي في العمل بأنني سوف اتأخر. أحاول أن ارتاح بالنوم فيأتي نومي مليئاً بالكوابيس! لعنة لعنة لعنة، أين المفر؟
رؤسائي في عملي الجديد لا يعلمون شيئاً عن مرضي. رؤسائك في العمل يريدونك قوياً، متألقاً، نشطاً. العمل للشجعان، أما الجبناء فالمنزل أولي بهم. هل أبلغهم بأنني مريضة؟ هل من شهادة طبية؟ أين كشف الطبيب؟ هل انتي مريضة بالقلق؟ منذ متي؟ هل يتعارض ذلك مع العمل تحت الضغط؟ المزيد والمزيد من الأسئلة تعني المزيد والمزيد من القلق. أسرتي تتسائل أين أنا ولماذا لا أرد علي الهاتف! هل أخبرهم بأنني مريضة فيشعرون بالقلق؟ أم أنني فقط تجاهلت انقطاع شحن الهاتف، فيحسبونني خُطفت أو تم القبض عليَ! اللعنة، المزيد من القلق.
وأخيرا......... أنهار
لحظة الإنهيار الجميلة، والبديعة، والتي تأخرت كثيراً! منتصف اليوم وأنا أحاول الإتزان بعد نوم صناعي طويل مضطرب، ثم ابلاغ عملي بأنني لن أتمكن من المجئ، ثم الرد علي أمي واختي القلقتان دوماً، وابلاغ صديقتي التي أقلقوها في عملها بأنني بخير.
أنتهي من كل ذلك، ثم أبكي بجوار الكوب الثاني من القهوة المركزة، والسكريات، والكمبيوتر، ومدونتي، وأحاول التماسك. لكن محاولاتي تذهب سدي.
قلق ثم قلق ثم قلق ثم إنهيار! ملامحي البشعة المجهدة، عيناي المنتفختين، دموعي المنسابة، أدويتي اللعينة التي يبدو أنها لا تقدم شيئاً! أنا لا أرغب في الموت، لا ارغب في ازالة انتفاخ عيني، ولا في أن أنام بدون كوابيس أو قلق! لا ارغب في النوم وحمداً لله كثيراً علي الأرق! فقط أرجو أن تتوقفوا قليلاً عن القلق ونقل قلقكم لعتبة عقلي!
احارب معركتي الشرسة مع القلق منذ ما يزيد عن العام! انتصر تارة، وأنهزم تارة أخري، وأحمد الله كثيراً علي أنني مازلت هنا، وأقاوم! لكن من قال أن العالم مكان ليس قاسٍ؟ وأكثر الناس قسوة من من لا نستطيع الهرب منهم، أو الإشاحة بوجوهنا كي لا نراهم.
يوم أخر يمضي في القلق، وأحاول جاهدة الإكتفاء بما داخلي من قلق كي أتمكن من تمضية يومي الضائع في المقاومة، وأحاول الإستعداد ليوم جديد اصلح فيه كوارث اليوم القديم.
ثم أشعر بالقلق.
انتهي,،،،


الناشطون للناشطات، والذكوريون للنسويات (الجزء الأول).

انا ليه مش فيمينست: جعلوه فانجعل: 


كتير بيتريقوا عالحركة النسوية في مصر، من أيام فيلم (الاستاذة فاطمة)، مروراً بالأفوكاتو مديحة، وبنات حواء، وليس انتهاء بالسينما المعاصرة والدراما اللي لسه عايشالنا جو النسوية المنكوشة اللي مش متجوزة والمعقدة.

ممكن لو عاوز تعرف أسباب معقدة عن عدم حبي لإني أعتبر نفسي ضمن النسوية (سياسياً أو ثقافياً أو فنياً)، وأنا ليه مختلفة مع الفكرة نظرياً بس بشجعها بحكم الجندر وبحكم إني اصلاً منحازة للستات وبحكم إني بشجع اللعبة الحلوة، وبحكم إني بحب أقول علي نفسي من داعمي الإتجاه النسوي مش من أعضاءه (مش نسوية بس بحترمهم  😊)، بس في نفس الوقت، أنا أكتر واحده بحدف عليهم صواريخ، يمكنك قراءة هذه التدوينة  👀

الأذكياء من حضراتكم هيستنتجوا بسهولة إني كساره يعني أصلاً أنا بعادي الرجالة، وبعادي الستات، بس الحركة النسوية في مصر بتعمل لي أزمة خاصة. 
إحنا متفقين إن مصر مفيش حاجه فيها طلعت بشكل طبيعي، وإننا لسنا معيار يقاس عليه أي حاجه.

 يعني مثلاً بشكل رسمي الحركة النسوية رائدتها الست هدي شعراوي اللي حلفت يمين طلاق بالتلاتة إن إبنها البك ينكر ابنه من الممثلة اللي اتجوزها عرفي،ولما الممثلة فضلت تناضل علشان تنتزع نسب ابنها، حكمت عليها الهانم انها متشوفوش لحد ما تموت! مين رائدة الحركة النسوية ناو  😎

في حين إن أنا كساره برضه، شايفة إن رائدة الحركة النسائية الحقيقية هي الست شفيقة محمد اللي طلعت في مظاهرة نسائية علشان تسلم المعتمد البريطاني بيان احتجاج (هدي شعرواي كتبت عنها في مذكراتها بالمناسبة)،والست شفيقة محمد الانجليز ضربوا عليها نار واستشهدت في الواقعة دي عامة.

ما علينا!

نخش عالموضوع،

تعرضت الحركة النسائية في مصر للاختطاف، والسرقة، والتشويه، والبهدلة.. تعرضت للقمع، والتخوين، والضربات المتتالية،والإحباط.

اتخيل انت حركة اجتماعية بتعبر عن إنسان مصري شديد الضعف والقهر، ومش بس كده، لا ده اللي هو بيتكلم باسمهم بيكملوا عليه قهر.

طيب تعالوا نسأل نفسنا شوية أسئلة ومن خلالها نقدر نحدد الأزمة فين:

1-     متي بدأت الحركة النسوية في مصر؟ مع نازلي فاضل ولا قاسم أمين؟ ولا مع فاطمة إسماعيل؟ ولا مع هدي شعراوي؟

2-     الحركة النسائية اللي بنتكلم عنها دي، سياسية، ولا ثقافية؟ ولا ميكس؟ (طبعاً ده سؤال غبي ولا محل له، بس امشوا معايا للأخر),

3-     الحركة النسائية المصرية، مصرية بالأرض، ولا بجنسية القائمين عليها اللي نصهم من اصول تركية وكردية وارمنية والبانية الخ الخ الخ!

4-     الحركة النسائية اللي بنتكلم عليها بنقصد بيها الحركة الرسمية ولا المعارضة ولا الثورية؟ علمانية ولا لامؤاخذة اسلامية؟

هل من مجيب طاه!!! 


1970 وانت طالع:
بصوا، أنا اخترت نبدأ من السبعينات علشان نبعد عن حصة التاريخ اللي بتنقح عليا كل شوية. السبعينات كانت مرحلة بقايا الإتحاد الاشتراكي، والتنظيم الطليعي، واتحاد الشباب، ودول كلهم كان فيهم تمثيل للمرأة، تمثيل مقدرش أتكلم عليه علي إنه حركة نسائية بقدر كبير من الراحة. 

مرحلة السبعينات دي شهدت رئاسة أنور السادات، اللي كان عامة مولع بالصورة الغربية وبيحب يقلد الرؤساء الغربيين وكده يعني. أنور السادات كان متجوز من ست لطيفة وشيك ولبقة هي جيهان رؤوف. السادات كان علي عكس عبد الناصر اللي كانت متزوج من السيدة تحية كاظم، عبد الناصر مكنش لا هو ولا زوجته مولعين بجو السيدة الأولي.

جيهان السادات كانت أول زوجة رئيس في مصر تقرر تاخد منحي (السيدة الأولي)، وتظهر في المجال العام وتتابع القضايا الخاصة بالمرأة وتنظيم الأسرة وكمان اتدخلت في بعض قوانين الأحوال الشخصية علشان تتعدل!! (أهلاً وسهلا).

ومنذ ذلك الحين، أصبحت السيدة الأولي هي الراعي الرسمي للأنشطة الخاصة بتمكين المرأة في مصر، وده الدور اللي كملته سوزان ثابت زوجة الرئيس المصري حسني مبارك. سوزان مبارك بقي دعمت تأسيس المجلس القومي للمرأة، وكانت بتشرف عليه رغم انها مكنتش رئيسته. المجلس القومي للمرأة كان هو الجناح الرسمي للدولة والمختص بشئون المرأة ومتابعة تنفيذ اتفاقية سيداو اللي مصر وقعت عليها، واعداد التقرير بتاعها.

المجلس القومي للمرأة كان المجلس القومي للمرأة الرسمية، المرأة كما تراها الدولة فقط لا غير.

بالوضع في الإعتبار إن كان فيه سيدات ناشطات في مجال حقوق المرأة، خرجوا من الحركات السياسية، أو الأحزاب، أو المجتمع المدني، فالسيدات دول راحو أسسوا منظمات نسوية علشان تدافع عن حقوق الستات، وتقدم برضه صورة عن الستات اللي الدولة مش عاوزة تشوفهم.

وبما إن الستات دول كانو بيقولوا الكلام اللي الدولة مش عاوزة تشوفه او تقوله او تنقله، فبقي عندنا نظام رسمي برعاية الدولة، ونظام موازي برعاية المجتمع المدني.

السؤال بقي اللي بيطرح نفسه هنا: مين في دول يتسمي بالحركة النسوية؟

 الكوميدي بقي ان الإتنين كانو بيعتبروا نفسهم معبرين عن الحركة النسوية ! الحركة الرسمية شايفة نفسها جديرة بالتسمية، لان هي الدولة والدولة هي، أنا الاساس والباقي جلاش وقرب قرب قرب عندنا اللي مش عند غيرنا، أما المجتمع المدني النسوي، والنسويات المعارضات اللي بره المنظومة السابقة دي، فكانو شايفين نفسهم الأجدر بتسمية الحركة النسوية، لأنهن صوت المهمشات، والمعارضات، صوت من ليس لهن صوت.

وهكذا، استمرت الخناقة بين الرسمي وغير الرسمي/ الموازي، حتي حدثت الsky fall بتاعنا المسمي بثورة يناير المجيدة. 

25 يناير- نسويات الأندرجراوند: 

بالوضع في الإعتبار ان التيارين السابقين الرسمي والموازي كانو بيتجلوا في صورة مؤسسات رسمية أو عالاقل كيانات مشهرة، أو بيعبر عنه أشخاص معروفين كمفكرين (نوال السعداوي مثلا)، أو صحفيات (إقبال بركة)، أو حزبيات (اللي يعرف يقول لي ياريت)، فالتيار الجديد اللي ظهر في أعقاب ثورة يناير كان شابات محدش يسمع عنهم، ومكنش حد يعرفهم لحد فترة مش طويلة قوي. البنات دول شاركوا في الثورة، واتأثروا بيها جداً، وكتير منهم خرج من مؤسسات أو كيانات رسمية سواء مجتمع مدني أو مراكز أبحاث، أو من الشابات الجامعيات اللي اتأثروا بتدريبات حقوق الانسان اللي كانت بتعملها المؤسسات المصرية بحرية لحد فترة بسيطة. الشابات دول عبروا عن أفكارهم من خلال منصات التواصل الإجتماعي اللي كان ليها جمهور واسع بعد الثورة مباشرة، وكانت وسيلة رخيصة الثمن، واسعة الانتشار.
النسويات الجدد دول كتير منهن اختلفوا مع الطريقة الكلاسيكية اللي اتبعتها المنظمات النسوية لانها معبرتش عن طموحاتهم واحلامهم، مش كده وبس وغالباً متعاملتش معاهم بتسامح كبير، من واقع انهم عيال طايشة أو لينا أجنده اهم أو مش فاضيين، الخ! طريقة مختلفتش كتير عن تعامل الحكومة معاهم في الواقع  😀
ده كان واضح في إن اغلب النسويات الجدد دول – علي حد علمي- مكنش عندهم أي ارتباط واضح بمنظمة أو جمعية، بخلاف نظرة اللي اتعاملت مع اتجاهاتهم بقدر كبير من التسامح مش التسفيه او الاستعلاء، بل ومكنش حد فيهن (النسويات) أو المنظمات النسوية بيتكلم عن التاني بحماس كبير.

كيف اصبح THUG life  اسلوباً للحياة؟ 


النسويات الجدد دول اتأثروا طبعاً بتجربة الثورة، واتعرضوا لمتغيرات اجتماعية عنيفة، بداية من الجري في الشوارع والسحل في الاشتباكات ، لحد التحرش أو الاعتداء في الميدان أو حتي المشاركة في قوات مكافحة التحرش في الميدان. منهم بنات اصطدمت مع أهلها واتعرضوا لمقاطعة بسبب قضايا إجتماعية بحته (زي عايزة اخلع الحجاب- عايزة اشتغل في القاهرة- عايزة اختار شريك حياتي)، وانتهاء لاحباطات عنيفة (علاقات عاطفية انتهت بالابتزاز زي الحالة الشهيرة لغدير أحمد- عمل بدون حقوق في منظمات يفترض إنها حقوقية).

المتغيرات العنيفة دي، والمرمطة، والخزلان من المؤسسات الرسمية، والسياسية، واللي قالت علي نفسها ثورية، خلت البنات دول يوصلوا لنتيجة انهم هيمشوا بدراعهم، وإن محدش هيجيب لي حقي، وانا هجيب حقي لنفسي.

طيب هم ليه اندرجراوند؟ لأنهم مظهروش في أطر رسمية، ظهروا فجأة بعد شغل طويل تحت الأرض( ودي مش شتيمة يا جماعة)، وتعارف من خلال جروبات سرية- انبوكسات الصفحات اللي بتدعم البنات، لحد ما ظهروا وعبروا عن نفسهم في العلن من خلال اتجاه نسوي، تالت، شديد الصدامية والجرأة والعنف، والاخلاص لقضيته.

ولحد هنا هنقفل التدوينة، ونلتقي في الجزء الثاني، عن مأزق الحركة النسوية الجديدة (حلوة حكاية مأزق دي، وعميقة)، وفي التدوينة الجاية غالباً هنفهم أكتر عن ليه أنا بخبط في الاخوات النسويات كتير، وربنا يستر.

اقعدوا بعافية.....