البومة

البومة

هلوسات ثورية

-1- بخ : أنا العفريت - انا الحلم: 
طول عمري كنت بقول إن الكتابة هي حالة معينة يتخيل فيها شخص ما قرر يكتب كلمتين ، إنه هيغير العالم بيهم ، و أحياناً تكون الكتابة هي فن الإنفجار للخارج قبل أن تكون فن الإنفجار للداخل ، و مؤخراً تحولت الكتابة إلي فن : لو مش هتخلونا نحلم مش هنسيبكم تناموا" ، و أنا معجبه جداً بالموضوع الأخير ده ، مريح نفسياً و عاطفياً و عقائدياً لواحده بتحسب نفسها تنتمي للقوي الثورية الشريرة اللي أبسط أمانيها في الحياة تبقي شوكة في ظهر حد ، أو عفريت بيطلع لحد في الضلمة .
أتذكر في أحد الأيام السوداء ، لما كنت بفكر بشكل عقيم ، هو ليه النظام بيحشد 50 عربية أمن مركزي لمحاصرة مظاهرة صغنونة قدام نقابة الصحفيين و لا دار القضاء العالي ، ليه العنف الشديد في قمع حدث لا يستحق كل هذا القمع ، لماذا يلجأ النظام لمحاصرة المعارضة و النشطاء السياسيين و تعقبهم و مراقبة تليفوناتهم و إيميلاتهم - رغم إن كارثة من كوارث النظام المصري نشطاؤة السياسيين كثيري الأخطاء - و في النهاية أدركت إنه مش بيحاصر النشطاء قدر ما بيحاصر الحلم .. فعلاً ، دي حقيقة ، الحلم اللي بيحلم بيه كل دول بينغص علي النظام نومه ، من الأخر الحرية دي بتعمله كوابيس ، رب شوية عيال قالبين دماغ النظام ...سبحانك يا رب .
و علشان كده بيحارب بضرواوة كل حلم بنحاول نحلمه ، لأنه بيخاف من أحلامنا ، أحلامنا بتخوفه ، الله ، نياهاهاهاهاهاه ، هو بيقاوم الحلم و الحلم هو سلاحنا الوحيد ، مش عايزنا نحلم بدنيا جديدة نظيفة فيها كرامة ..
طيب ما تيجي نحلم ؟ نحلم بحق الشهيد ، نحلم بشارع نضيف ، نحلم بتعليم محترم و دور عبادة مش ماريونيت في إيد النظام ، نحلم بإعلام مش موجه ، نحلم بمصر اللي إحنا عايزينها مش اللي هم عايزينها .
يلا نحلم ، و لو مش هيسيبونا نحلم ، هنطلعلهم عفريت


-2- الإنتحاريين الثوريين : 
في يوم 25 يناير الماضي ، و بعد أن خضنا و صديقاتي الفتيات معركة محترمة مع قوي الثورة المضادة قافلة الميدان من جهة قصر النيل ، اللي كان المجلس العسكري مصدرهم لنا علشان يقنعونا إن الثورة إحتفال و كده يعني ، فاكرينهم ؟ المهم ، بعد المعركة دي و أنا قاعده بنعي حظي في أول طلعت حرب و بفكر في أفكار إنتقامية شريرة ، من ضمن الأفكار اللي فكرت فيها ما حدث في مثل هذا اليوم في السنة اللي فاتت - رغم إني منزلتش 25 نزلت من يوم 28 - ، المسيرة قوية ، و برضه بنعارض النظام ، و وصلنا التحرير في الأخر ، طيب حلو قوي ، مفيش بق4ي شوية قنابل غاز و ياحبذا لو المنتهية الصلاحية دي اللي بتعمل دماغ !
و انا لسه بجتر أفكاري لقيت بنوته صغيرة ، شابه يعني ، واقفة مع أصحابها جنبنا ، و بتقول : المسيرة كانت حلوة قوي بس كان ناقصها القنابل ...!!!!!!! البنت كانت بتتكلم جد علي فكرة ، و أصحابها بيأيدوها ، هع ، ده ظانا مش لوحدي بقي ؟
و كلنا مش لوحدنا ، إن كثير من الثوريين الشباب بالذات بقي عندهم إرتباط غير عادي بالقنابل المسيلة للدموع ، و بقي عندهم عشق للكر و الفر ، هؤلاء الثوريين الشباب وجدتهم في شارع المنصور في الإشتباكات الأخيرة ، لا يفعلون شئ سوي الهناف في وجهة مطلقي القنابل ، مواجهة الموت بالإختناق أو بالخرطوش أو حتي بالرصاص ، و هذه المجموعة الثورية هم الأكثر جرأة و تهور و لا أبالغ لو قلت إنتحارية ...
مجموعة الثوار - الإنتحاريين ، هم مجموعة من أشد الشباب إيماناً بالثورة ، و يتمتعون بدرجة عالية من النقاء و الطهارة الثورية الحقيقية ، ذكرياتهم الباسمة التي يعيشون لها و عليها هي موقعة قصر النيل 28 يناير ، أو موقعة الجمل ، أو حتي ماسبيرو و محمد محمود ، أفضل ما في حياتهم هي اللحظات التي واجهوا فيها الموت ، و لذلك يشتاقون لساحة المعركة شوق المحبوب للحبيب ، يحملون دم الشهداء ذنباً عليهم و علي أولادهم ، لا يستطيعون التكيف مع فكرة أن سواهم مات و هم أحياء و لذلك يرغبون في التكفير عن هذا الذنب بالوقوف في وجهة الموت ، هم يحملون عقدة ذنب خطيرة لأنهم ليسوا من محترفي السياسة و لا من جيل النشطاء القدامي الذي تشوه بعضهم بالمصالح ، هؤلاء فعلا يتعمتعون بالنقاء و الطهارة الثورية التي تجعل إحساسهم بالذنب أكثر من سواهم .
عندما أري هؤلاء الإنتحارين الثوريين ، و أري إقبالهم علي الموت دون خوف ، أتذكر أن الغالبية العظمي من شهداء الثورة ليسوا من المسيسين ، بل هم ممن خرجوا للبحث عن وطن أفضل جديد ، للبحث عن مستقبل مشرق باسم ، و أتذكر أنهم كانوا الأكثر عشقاً للحياة و الأكثر تفاؤلاً و إحساساً بالأمل .
لهم المجد ، و لنا العار إذا تخلينا عنهم ، اللهم أجعلنا من الإنتحاريين الثورين بعد أن انعمت علينا بالإنهزامية الثورية .




-3- الثورة مازالت مستمرة ، للأسف : 
عايزة أعمم إقتراح ، إنشاء عيادات نفسية لعلاج مصابي الثورة من الثوار ، ما هو اللي إتصاب مش لوحده اللي عايز علاج ، الثوار كمان عايزين علاج ،
إحنا جيل ملعون !! ساعات بفكر في كده ، جيل اتكتب عليه ينام يصحي يقوم يقعد يفكر في الثورة ، الحيل بتاعنا ده كان عايش بيس بيس و عامل سيس ، إذ فجأة قرر إنه يتولي مسئولية تاريخية أمام الله و الوطن و التاريخ و الأجيال القادمة ، و يعمل - و العياذ بالله - ثورة ، و لأنه جيل صادق محضرش تخاريف القومية العربية اللي عبد الناصر كان بينفخها في دماغ الجيل القديم ، و انفتاحية السادات و الحياة الاستهلاكية اللي غرق بيها المصريين ، إحنا جيل كان مرفه إلي حد ما ، كفر بالأسرة و الكنيسة و المسجد و المدرسة ، و الحمد لله لقي اللي يكفروه ، و في الأخر قرر إنه يعمل اللي في دماغه و اللي شايفه صح لأن المستقبل بتاعه و مش هيسيب حد يقرر عليه مستقبل .
هذا الجيل البائس حقيقة ، فقد القدرة علي التفكير في حياة تانيه من غير ثورة ، قضيته حقيقة بقت الثورة و نجاحها ، جيل قرر إنه يمشي في طريقه للأخر بعد ما اتغير للأبد ، انا مش قلقانة علي مصر مع الجيل ده ، بس قلقانة عليه ..
قد أكن انا محسوبة علي الجيل ده ، بنام بقوم بحلم بالثورة ، السياسة طيرت البرج اللي كان فاضل عندي ، بس بجد لما بشوف حد من اللي واخدين الموضوع علي قلبهم ، فعلاً بحس بالشفقة .
هو قدر لازم نكمله ،
جيلي العزيز ، أيها الجيل المهموم بوجودك ،  كم أنا فخورة بيك .


بداية الرحلة :
قال أمل دنقل يوماً ما ، " لا تحلموا بعالم جديد ، فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد " 
و خلف كل قيصر جديد ثورة تولد بحلم .. 
we are Anonymous
 expect us